في زمن الأزمات الكارثية… معرض كتاب في اهدن!
برغم الأزمات التي تتناسل كالفطر يوماً بعد يوم، وربما ساعة بعد ساعة، لم يشأ منظمو معرض الكتاب في إهدن منذ خمسة عشر سنة، وبعد ثلاث سنوات عجاف، الاّ أن يستعيدوا نشاطهم بعد فترة نقاهة بسبب الكورونا اللعينة، والأصرار على إثبات الوجود والحضور ليس في ساحة الميدان (التي هي القلب النابض للبلدة) حيث اقيم المعرض في ظل شجرات الدلب المعمرة، بل امتد النشاط الثقافي المواكب للمعرض من تواقيع إصدارات جديدة أو محاضرات الى المقاهي المجاورة التي افتقدت لمثل هذه الحركة وابعد قليلاً.
موقع “أحوال” التقى احد منظمي المعرض منذ نشأته الدكتور فوزي يمين الذي وجه التحية للداعمين الذين منحونا كامل القدرة على التحدّي، ليس فقط الأوضاع الراهنة، بل أيضاً أسعار الكتب الجنونيّة بحيث تمّ التوافق ضمناً على أنّ الحسومات التي تعطيها دور النشر لهم يعطون الجزء الأكبر منها بدورهم للقارئ”.
وأضاف: “ما كان لمعرض الكتاب الذي يقيمه اللقاء الثقافي زغرتا-الزاوية سنويّاً أن يُكتب له العمر والنجاح لولا الإيمان العنيد الذي تحلّى به المنظّمون والعاملون فيه على اختلاف أعمارهم عبر السنوات بأهمّية الكتاب كإحدى أهمّ وسائل المعرفة والانفتاح، ولولا مجموعة من الداعمين له مادّياً ومعنويّاً الذين لم يبخلوا يوماً في مدّ يد المساعدة إليه”.
وعن الزاوية الخاصة التي جذبت الكثير من الزوار قال يمين (الذي هو استاذ جامعي ورياضي وشاعر): “ساهم تراكم المعارض عبر السنوات والذي أبقى في المستودع مجموعة من الكتب شبه المستعملة ذات الأغلفة الجيّدة والعناوين الجذّابة، في تشكيل مخزون مفيد لخلق زاوية خاصّة بها لاقت الكثير من الإقبال والاستحسان، بسعر زهيد، 20 ألف ل. ل للنسخة، للقول بأنّ الكتاب هو للجميع خصوصاً للذين لا قدرة شرائيّة لهم عليه، ما يرسم في الأفق علامة تحفيز من أجل توسيع رقعة هذا النوع من الكتب في السنوات المقبلة”.
وعما اذا كان راضياً عن حركة الزوار والمهتمين اكد بأنّ المعرض حقّق رقماً قياسيّاً في المبيع نسبة إلى باقي سنواته المعهودة، بلغ 2622 كتاباً. دون أن ننسى طبعاً، فريق العمل الجديد المؤلّف من مجموعة من الشبّان والشابّات اليافعين الذين اعتبروا العمل في المعرض فرصة لهم للانخراط في مجال يحبّونه وفي الوقت نفسه يكسبون منه، فانتظموا في صفوف “اللقاء” ولم يوفّروا جهداً في المداومة، والبيع، والتنظيم، ومواكبة الزائرين بأوجه تنضح بالحبّ والعافية”.
ولم يكتفِ المعرض كعادته ببيع الكتب فحسب، بل أقام على ضفافه مجموعة من الأنشطة الثقافيّة والاجتماعيّة، تنوّعت بين تواقيع كتب ونقاشات وحملات، فتمّ توقيع إصدارات جديدة لكلّ من الدكتور ألبير جوخدار “ضيعتي: تراب الذكريات”، والروائيّ رشيد الضعيف “الوجه الآخر للظلّ”، والمهندس عصام شمالي “أصداء مدينة لامرئيّة”، وأُقيمت نقاشات حول “الصحّة النفسيّة” مع الأخصّائيّ النفسيّ العياديّ وسام قطيط قدّمته وأدارته الأخصّائيّة النفسيّة وردة بو ضاهر، وحول “الإعلام اللبنانيّ بين المَحاور” مع الدكتور سامي كليب قدّمته وأدارته الإعلاميّة ماريا يمّين، وحول كتاب “حركة الشباب الزغرتاويّ وستّينيّات زغرتا- إهدن (1960-1969)” للدكتور خليل مرقص الدويهي تحدّث فيه الأستاذ سايد قبلان فرنجيّة وقدّمه وأداره الدكتور يمّين، كما أُقيمت حملة تبرّع بالدم من تنظيم جمعيّة “عطاء بلا حدود.
وبعد ان وجه الدكتور يمين الشكر للداعمين ولبلديّة زغرتا- إهدن على رعايتها تمنى أن يُطلق المعرض في السنوات المقبلة أغنى وأبهى، لكي يترك في نفوس روّاده التقليديّين وزائريه الجدد، عطر الكلمة الفوّاح ومذاق الفكر الطيّب.
مرسال الترس